آثار ترك الذنوب والمعاصي
قال ابن القيم رحمه اللَّه :
سبحان اللَّه رب العالمين ! لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلا إقامة المروءة([1])
، وصون العرض ، وحفظ الجاه ، وصيانة المال - الذي جعله اللَّه قوامًا لمصالح الدنيا و
الآخرة - ومحبة الخلق ، وجواز القول بـينهم ، وصلاح المعاش ، وراحة البدن ، وقوة القلب ،
وطيـب النفس ، ونعيم القلب ، وانشراح الصدر ، والأمن من مخاوف الفساق والفجار ، وقلة
الهم والغم والحزن ، وعز النفس عن احتمال الذل ، وصون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية
، وحصول المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار ، وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب
، وتيسير ما عسر على أرباب الفسوق والمعاصي ، وتسهيل الطاعات عليه ، وتيسير العلم ، والثناء
الحسن في الناس ، وكثرة الدعاء له ، والحلاوة التي يكتسبها وجهه ، والمهابة التي تلقى له في قلوب
الناس ، وانتصارهم له وحميتهم له إذا أوذي أو ظلم ، وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب ، وسرعة
إجابة دعائه ، وزوال الوحشة التي بـينه وبـين اللَّه ، وقرب الملائكة منه ، وبعد شياطين الإنس والجن
منه ، وتنافس الناس على خدمته ، وخطبتهم لمودته وصحبته ، وعدم خوفه من الموت ، بل يفرح به
لقدومه على ربه ، ولقائه له ومصيره إليه ، وصغر الدنيا في قلبه ، وكبر الآخرة عنده ، وحرصه
على الملك الكبـير والفوز العظيم فيها ، وذوق حلاوة الطاعة ، ووجدان حلاوة الإيمان ، ودعاء حملة
العرش ومن حوله من الملائكة له ، وفرح الكرام الكاتبـين له ، ودعاؤهم له كل وقت ، والزيادة في
عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته ، وحصول محبة اللَّه له ، وإقباله عليه وفرحه بتوبته .
فهذا بعض آثار ترك المعاصي في الدنيا ، فإذا مات تلقته الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة وبأنه
لا خوف عليه ولا حزن ، وينتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها
إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة كان الناس في الحر والعرق وهو في ظل العرش ، فإذا
انصرفوا بـين يدي اللَّه أُخذ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين وحزبه المفلحين ،
وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء ، واللَّه ذو الفضل العظيم
تحيتى